https://ahmedkutb.com/code الصور الذهنية و الإنطباعات المسبقة
randomPost

الصور الذهنية و الإنطباعات المسبقة

 


 تأملي نفسك جيداً، في بعض الأحيان و أنتِ تنظرين إلى السحاب في السماء، قد تتشكل لكِ أشكال طيور أو شخص عملاق أو وجه ضاحك،و كلما نظرتي إلى هذه السحابة يتولد لديك نموذج تنشيط محدد في العقل، وقد تأتي إلى مخيلتك أشياء أخرى مرتبطة إرتباط وثيق بالأشكال التي رأيتيها، و مواقف معينة، تلك التي تكون مرتبطة في المخ مسبقاً، و من الممكن أن تصبح هذه الصورة الذهنية قالباً لأفعال و سلوكيات أُخرى.

الصور الذهنية لا تتعلق بهذه الأشكال التي نراها في السماء و حسب، و إنما تصورنا نحن بأنفسنا و بالأشخاص الآخرين، فالبعض منا لديه صورة ذهنية جذابة لنفسه تجعله يواجه هذا العالم بثقة كبير و تقدير كبير لذاته، و البعض لديه صوره ذهنية مهزوزة لنفسه مما يجعله يواجه العالم بالخوف و القلق و عدم الثقة بالذات. البعض يكوّن إنطباع جيد و صورة ذهنية جيدة عن الناس من حوله و هذا يؤثر فعلاً بالإيجاب بعلاقته مع الآخرين و توقعاته منهم مما ينتج عنه في الأخير علاقة جيده و إن لم تكن قوية، لكن البعض الآخر يكوّن في مخيلته صوره و انطباع سيء لشخص معين أو الأشخاص من حوله وهذا بالتأكيد يؤثر سلباً بعلاقته مع من حوله و يجعله يجذب دائماً الأفعال السيئة، و تظهر منه ردود فعل سيئة و كل ذلك بسبب الصورة الذهنية المكونة مسبقاً.

البعض منا قبل الشروع بعمل معين تتكون لديه صورة ذهنية سيئة و نهاية وخيمة وهذا بالتأكيد بسبب التراكمات العصبية في مخه مما تحمله هذه الصورة إلى اليأس و الإحباط، و ينزلق إلى هوة الإستسلام و الشك، بينما البعض الآخر تتكون في مخيلته صورة ذهنية جيدة، وهذا أيضاً ناتج عن تراكمات و عن ما جرت عليه العادة في التصور، فتفتح هذه الصورة أمامه آفاق جديدة و محاولات و حلول متكررة إلى أن يصل لمبتغاه.

السؤال المهم الآن من أين أتت هذه الصور و الإنطباعات؟ و ماهي مصدرها؟

عند معرفتنا لمصادر هذه الصور سنتمكن بالفعل التحكم بها، و أنا أؤكد لكِ أن معظم هذه الإنطباعات سببها الأشخاص و البيئة المحيطة، و القصص المتوارثة بين الناس ، أو ربما قنوات تتابعينها على التلفاز أو السوشال ميديا، كلها معتقدات ترسخت مع الوقت،و مع مرور الزمن أنتِ أيضاً تلتقطي ما يعزز هذه الصور، متجاهلة أو غاضة البصر عن أي شيء يريك عكسها، و هذا بسبب المعتقد الراسخ لديك، و بهذا طورت انطباعك الذهني عن طبيعة عالمك سواءً الداخلي أو الخارجي.

لكن أؤكد لكِ أن هؤلاء الأشخاص أو القنوات سلبو منك حق تكوين الصورة بنفسك، نعم.. أنتي بحاجة إلى أن تتعاملي مع عالمك و تشكلي صورك و انطباعاتك الخاصة. ولا أخفيك أن السبب الرئيسي الذي يجعل تعايش الناس مع بعضهم البعض أمراً صعباً ليس الناس و إنما الإنطباعات و الصور المكونة مسبقاً، فعليكِ أولاً أن تتسائلي عن أساس هذه الصور التي تحدد إدراكك و فكرك و شعورك و إرادتك، و تتحكم في فعلك في نهاية الأمر، عندها يمكنك بمساعدة عقلك أن تفلتري هذه الصور و تأخذي الجيد منها و تحاولي تغيير السيء منها للأفضل، و النظر أيضاً في تاريخ تطور هذه الصور.

و كما أنصحك دائماً أن تحرصي على أمتلاك العقل المنفتح، ذلك العقل الذي يمكّنك من أخذ الإنطباعات الجيدة و تخزين الصور الإيجابية، فهذا أهم شيء يجب إمتلاكه.

و أخيراً أقول لكِ أفرغي كوبك، نعم.. تخلصي من كل الإنطباعات السيئة و الصور التي قمتي بتخزينها مسبقاً و افتحي قلبك و عقلك من جديد، و أعيدي تركيب هذه الصور و الإنطباعات، تعاملي مع كل شيء كما لو كانت مرتك الأولى بصورة إيجابية و ستلاحظي الفرق، اعملي على تغيير قناعاتك و آرائك و مواقفك تجاه الأشياء و الأشخاص، و استدعي دائماً الصور المعبرة عن الأمان، و ضعي أمامك الإنطباعات الجيدة و تخلصي من كل انطباع سيء حتى تتمكني من العيش بنفس هادئة مطمئنة.


تعليقات



Font Size
+
16
-
lines height
+
2
-