https://ahmedkutb.com/code مالا تعرفه عن الغضب
randomPost

مالا تعرفه عن الغضب



دائماً ما يتكرر أمامنا مشهد مألوف و معتاد ، شخص تنتابه نوبة غضب تبدأ بالإنفعال و الصراخ و ربما تنتهي بتحطيم شيءٍ ما أمامه أياً كان حتى و إن كان نفسه.
قد تنتاب الواحد منا نوبة غضب تكلفه الكثير فيما بعد،  و قد تفقده ناس أعزاء عليه في لحظة واحدة ، كما قد يحطم الغضب فينا أشياء كثيرة و أهمها تقديرنا لذاتنا،  بعد أن نفوق من نوبتنا لنرى النتائج التي صرنا عليها .
من المهم أن تعلم أن الغضب ليس ضرراً بحت ، إنما هو مفيد في بعض المواقف لنضع حد لبعض التصرفات المؤذية من المحيطين بنا ، و ليتضح مدى إنزعاجنا من هذه الأمور ، لكن الضرر يحدث من سلسلة الإنفعالات التي تحدث بعدها.
هناك عدة أمور متعلقة بالغضب ، إن تعرفنا عليها قد تقينا بشكل كبير جداً من هذه الإنفعالات المتسلسلة،  و تحد من وقوع الكارثة .
أول شيء يتوجب معرفته أننا بطبيعة الحال لا نستطيع التحكم بالإنفعال نفسه ، لكننا نستطيع التحكم بالوقت الذي يستمر فيه هذا الإنفعال .
الغضب كأي انفعال بطبيعة الحال سيهدأ مع الوقت،  لكننا بحاجة لمنع تصاعد هذا الإنفعال ، و أن لا نجعله يصل إلى الحد الذي يصعب السيطرة عليه.
و كما تحدثنا في مقالٍ سابق ، من الأشياء المهمة في وقت الإنفعال هو إدراكك لمشاعرك في هذه اللحظة،  فالإدراك بحد ذاته يمثل الحل الأول لمنع تصاعد الغضب،  لأنه سيمنع تسلسل الأفكار الغاضبة التي تؤجج الغضب،  و وضع حد للأفكار التي توقد نار الغضب أيضاً ، وهو بمثابة المفتاح الأقوى للتخفيف من شدة الغضب .
أيضاً من الأشياء التي تؤجج الغضب داخلنا هو تبريرنا لنوبة الغضب تلك بتبريرات تافهة، كأن يفقد الأب أو الأم أعصابه على طفله و قد تصل أيضاً إلى حد الضرب و الأذى الجسدي أو النفسي ، ثم يبرر ذلك بأن تصرفات الطفل هي التي استفزته و أدخلته في نوبة الغضب تلك ، بينما في الحقيقة كان الغضب مؤجج داخله لسببٍ آخر،  ما الطفل إلا شرارة فجرت هذا الغضب.
على العكس تماماً ، إن بررنا للشخص الآخر تصرفه ، أو جمّلنا الموقف بطريقة أو بأخرى نستطيع وقف سلسلة الإنفعال هذه ، و نقلل من الوقت الذي اتخذته هذه النوبة ، و هذا من شأنه أيضاً أن يوقف الإنفعال قبل أن يتأجج و يصل إلى الحد الذي يصعب التحكم به .
إذاً ... من الأمور المساعدة للحد من تسلسل الأفكار الغاضبة هي إعادة وضع موقفاً إيجابياً في إطار هذا الموقف.
الشيء الآخر الذي يجب معرفته هو أن الغضب دائماً يعزز الغضب ، أي إذا كنت أنت في حالة إنفعال من موقفٍ ما تجنب وجودك في مكان يثير انفعالاتك ، لأن الغضب و الإنفعال الحالي سيعزز انفعالك السابق ، مما يؤدي إلى انفلات الأعصاب ، عندئذٍ يصبح الانفعال اللاحق بالغ الحدة .


إذاً .. ما الأمور المساعدة في تهدئة الغضب ؟!

علينا دائماً التركيز على تقييمنا للأمور ، عادةً التقييم الأول لمثير الغضب هو الذي يجعل الغضب يتصاعد،  و إعادة التقييم مرةً أخرى هو ما يجعلنا نهدأ فيما بعد .
سأعطيك مثالاً : زوجة تعاود الإتصال بزوجها مراراً و تكراراً لكنه لا يرد عليها ، فإذا بها تقيم الوضع أولاً بأنه يتم تجاهلها و هذا ما يسبب لها الإنفعال. بعد فترة وجيزة تعيد تقييمها للوضع بعد أن تتذكر أنه قد أخبرها مسبقاً بأن لديه اجتماع أو عمل مهم ، عندها تهدأ نوبة الإنفعال و الغضب تلك . العامل المهم هنا هو الوقت ، ما الوقت الذي استغرقته هذه الزوجة لإعادة تقييم الموقف؟!!.
أيضاً من الأشياء المهمة في تهدئة الغضب هو الإبتعاد عن مصدر الغضب لبعض الوقت ، حتى يستطيع الشخص أن يكبح دورة التفكير العدائي المتصاعد أثناء الإنفعال ، و عملية الإلهاء أيضاً في حد ذاتها وسيلة قوية للغاية لتغيير الحالة النفسية .
أيضاً من الممكن أن ينعزل الشخص و ينفرد بنفسه إلى أن يهدأ غضبه ، نسبة كبيرة من الأشخاص يتوجهون للمشي خارج المنزل حتى يتسنى لهم تهدئة مشاعرهم أثناء المشي ، و هذه العملية مجربة و ذات نتائج فعالة.
كما يوجد هناك وسائل نفسية مساعدة مثل التنفس بعمق،  و ارتخاء العضلات ، لكن من المهم أن يصرف الشخص ذهنه و تفكيره عن مسببات الغضب أثناء قيامه بهذه الأمور ، لأن فترة تهدئة الغضب لن تحقق فعالية إذا استنفذها الشخص بالإنشغال بسلسلة الأفكار التي استفزت الغضب لديه ، و من الأمور المساعدة لإبعاد الفكر عن هذه الأفكار هو الإنخراط بالمتع الشخصية كالقراءة أو ممارسة هواية مفضلة.

هكذا أكون قد أوصلت لك بعض الحقائق التي يجب معرفتها عن الغضب و بعض الطرق المساعدة لتهدئته، و الأمر الآن عائد إليك ، أتمنى أن تجد باقي الحقائق في نفسك و محيطك،  و تفتش عن الطريقة الأنسب التي ستساعدك على إيقاف سلسلة الإنفعال هذه و قت حدوثها.

المصادر:
كتاب الذكاء العاطفي - دانييل جولمان 

تعليقات



Font Size
+
16
-
lines height
+
2
-