جميعنا يعرف أن المشاعر نوعان ، المشاعر السلبية تلك التي تتصف بالحزن و عدم الرضا و جلد الذات و القلق و الخوف و الاضطراب ... الخ ، و جميعها تقود الشخص إلى مستويات أدنى ، و تؤدي بنا للفشل في جميع علاقاتنا ابتداءً بعلاقتنا بالله عز وجل و بأنفسنا ثم بمن حولنا.
و النوع الآخر " المشاعر الإيجابية " وهي تلك التي تتصف بالرضا و القبول و الفرح و السعاد و الثقة بالنفس و الإطمئنان ، الإنجاز و تقبل الذات و الآخرين ... الخ .
الإنسان منا لا يستطيع أن يعيش حالة شعورية واحدة طوال الوقت ، و جميع التجارب التي قام بها العلماء دلت على أن الشخص قد يمر بعدة مشاعر في نفس اللحظة ، ربما إيجابية أو سلبية ، كما أنه من الصعب أن يعيش الإنسان على وتيرة واحدة ، فالشخص السلبي قد تتخلله بعض الأحيان مشاعر إيجابية ، و الشخص الإيجابي تتخلله أيضاً مشاعر سلبية ، لكن ما الجانب الذي يطغي علينا ؟ هنا مربط الفرس.
السر في المشاعر أن المشاعر السلبية يمكنها أن تتخللنا دون شعور منا ، كما يمكنها أن تكبر و تتفاقم و تؤثر على كل جوانب حياتنا بشكل سريع جداً و دون وعي منا ، فيجد الشخص منا نفسه قد وقع في طياتها ، و البعض يستسلم لها و يدعها تطغي على حياته.
بينما المشاعر الإيجابية تحتاج منا بعض التدريب و الجهد قليلاً لتنميتها و ارتفاع منسوبها ، و إن اعتدنا الأمر أصبحت طاغية علينا و ليس من السهولة أن ننجرف بعدها لتلك المشاعر السلبية.
إذاً ... هناك خطوات و بعض الممارسات التي يجب علينا ممارستها لنرفع من منسوب هذه المشاعر .
سأذكر لكِ في هذا المقال بعضاً منها كمفاتيحٍ لك ، و اتمنى أن تجدي البعض الآخر في نفسك و عالمكِ الخاص .
من المؤكد أن أول خطوة لتطوير المشاعر الإيجابية هي تحسين علاقتك مع الله عزَّ وَ جَل ، الإلتزام بمواعيد الصلاة و ترتيل آيات الله و المداومة على ذكره ، و من حسن حظنا نحن المسلمين أن مفاتيح السعادة و الراحة و الإطمئنان موجودة في ايدينا ، بكتاب الله عزَّ و جل و سنة نبيه محمد صلى الله عليه و سلم ، ما عليك إلا أن تعودي إلى فطرة الله التي فطر الناس عليها ، نحن كبشر أرواحنا تتناسق مع الفطرة ، فإن حدنا عنها نجد الضيق في صدورنا و أرواحنا فتتطور لدينا المشاعر السلبية بالتدريج.
إذاً ... أول خطوة يجب اتباعها هي إصلاح علاقتنا بالله عزَّ وَ جل.
من بعدها نبدأ بالإنتباه إلى باقي الخطوات و تطبيقها و التي تتمثل بِ:-
١- الشعور بالنعم الموجودة في حياتنا :
نحن غالباً ما نركز على السلبيات و النواقص في حياتنا ولا ننتبه إلى النعم الموجودة لدينا بالفعل ، اريد منك ابتداءً من اليوم أن تركزي انتباهك على النعم الموجودة في حياتك ، و إن استطعتي اكتبيها ، فأنتي بهذا تزيدي من مشاعر الإمتنان لديك ، و بهذا تزيدي من طاقتك الإيجابية ، و إن تذكرتي شيء سلبي في حياتك ، أو أي شيء لم تستطيعي الحصول عليه ، اذكريه و لسان حالك يقول " نعم أنا لا أملك كذا .. لكن عندي كذا و كذا " ستجدي أن النعم تطغي على النواقص بكثير لكن أنتي من لم ينتبه لها ، و اشكري الله تعالى فهو القائل في كتابه ( و لئن شكرتم لأزيدنكم ) صدق الله العظيم.
إن كنتي شاكرة ممتنه لله تعالى سيزداد لديكِ شعور الرضا و الإطمئنان و السعادة ، فقط كوني ممتنه.
٢- اكتشفي " قوة الآن " و اسعي للوصول إليها :
بمعنى آخر تذوقي الحياة ، تذوقي اللحظة ، نحن عقولنا دائماً مشغولة بما حدث في الأمس و ما سوف يحدث في المستقبل ، غالباً ما ندع متعتنا تفوت و نحن نفكر بأمور أخرى ، جربي أن تعيشي اللحظة و تكتشفي هذه القوة ، ستدركين وقتها كم من المشاعر فاتتك و أنتي تفكرين بأمور أخرى ، كما أن مستوى إنجازك سيتضاعف إن صبيتي تركيزك على ما تقومين به الآن ، في هذه اللحظة ، و هذا من المؤكد أنه سيرفع من مشاعرك الإيجابية ، و مع الوقت ستعتادين الأمر بإذن الله ...
٣- قدمي العون لمن يحتاجه ، و ادخلي البهجة و السرور لحياة شخص ما :
تتميز كيمياء السعادة أنها سريعة الإنتشار ، فبمجرد إدخالك البهجة و السرور في نفس شخصٍ ما ، ستنتقل لكِ هذه المشاعر تلقائياً و بلا شك هذا سيجعلك تشعرين بشعور أفضل تجاه نفسك ، و تجاه أعمالك ، مما يؤدي إلى تسلل الرضا و القبول بداخلك ، و هذا أهم ما تحتاجينه لتطوير مشاعرك الإيجابية .
٤- تحدثي عن نفسك في أفضل حالاتك ، و ارسمي لنفسك صورة جميلة في المستقبل :
الشيء المخيف بالمشاعر ، أنها لا تستطيع التفريق بين الحقيقة و الخيال، فإن تخيلتي نفسك بصورة سيئة أو قمتي بكتابة سيناريو حزين لحياتك و نهاية مؤسفة ، تتسلل إليك المشاعر السلبية إلى أن تلتهمك ، و العكس.
إن تخيلتي نفسك مستقبلاً بأفضل حال يمكنك الوصول إليه ، و كتبتي سيناريو جميل لحياتك ، ستجتاحك الكثير من المشاعر الإيجابية ، و هذا له أثر كبير برفع طاقتك نحو الإنجاز و العمل ، مما يجعل أحلامك بإذن الله حقيقة لا محال ، فإن الله لا يضيع عمل عامل ، ولا يخيب أمل آمل ، ضعي لنفسك صورة جميلة في المستقبل و اسعي لتحقيقها ، و استمتعي بالرحلة بحلوها و مرها ، هذا سيرفع من مشاعرك الإيجابية بشكل كبير جداً .
٥- ممارسة طقوس يومية للإسترخاء و التأمل :
هذه الممارسات ترفع من مستوى المشاعر الإيجابية بشكل كبير ، كأن تعتادي على شرب كوب من القهوة الساخنة كل صباح مع ممارسة التأمل ، هذا سيؤثر على مشاعرك بالإيجاب طوال اليوم ، و يرفع من منسوب سعادتك.
٦- شاركي السعادة :
دائماً المشاعر حين تعاش بشكل منفرد لا تكون مؤثرة كما لو عشناها بشكل جماعي ، لذا شاركي السعادة ، شاركي سعادتك مع أشخاص يحبونك و يهتمون لأمرك ، ستجدي لها لذه أخرى ، كما يمكنك مشاركة من تحبين سعادتهم ، هذا سيزيدهم سعادة ، و كما تحدثنا سابقاً ، كيمياء السعادة سريعة الإنتشار ، و من المؤكد أنكِ ستحضين بجزء من هذه السعادة حين تشاركينهم اياها.
٧- حددي هدف أو مجموعة أهداف في حياتك و اسعي لتحقيقها ، اكتبي كل يوم ما تودين إنجازه فيما يخص هدفك و انجزيه ، فالإنجاز دائماً له نشوه لا يتذوقها إلا من وصل إليه .
أخيراً ... استمتعي بحياتك كأنثى ، البسي و تزيني ، اعزفي و ارقصي ، اخلقي النكات و اضحكي ، تأملي الحب و اسعي إليه في نفسك و اسرتك .
انظري إلى الأشياء التي تسعدك و مارسيها حتى و إن كانت بسيطة ، مارسي طييعتك و فطرتك كأنثى ، فالفطرة السوية هي أساس كل المشاعر الجميلة .
مواضيع ذات صلة 👇
ميكانيكية المشاعر و الوعي بالذات