https://ahmedkutb.com/code ميكانيكية المشاعر و الوعي بالذات
randomPost

ميكانيكية المشاعر و الوعي بالذات



بعض المواقف تتطلب منا أن يكون لدينا مستوى عالي من الذكاء الإنفعالي،  كأن نكون قادرين على التعاطف و الشعور بالأمل رغماً عن كل ما يواجهنا من صعوبات ، و أن نحث أنفسنا على الإستمرار في مواجهة الإحباطات ، و أن نتحكم في نزواتنا و نأجل إشباع النفس و إرضائها
بعض المواقف تتطلب منا أيضاً قدرة عظيمة في تنظيم حالتنا النفسية و منع الأسى و الألم لكي نستطيع الإستمرار . لكن كيف يمكننا التحكم بهذه المشاعر إن لم يكن لدينا معرفة مسبقة بميكانيكية المشاعر ، و كيف تتطور هذه المشاعر و كيف من الممكن أن تتوقف ، بل و كيف من الممكن أن تتغير لشيءٍ آخر.
من الأشياء المهمة في ميكانيكية المشاعر هو " معرفة النفس" ، بمعنى آخر وعي الإنسان بمشاعره وقت حدوثها ، فيوجد إختلاف كبير بين أن يسيطر عليك شعور ما ، و أن تدرك في الوقت نفسه أن هذا الشعور قد جرفك بعيداً عن التعقل،  فلحظة الإدراك هذه تعني الكثير و من شأنها أيضاً تغيير الكثير .
فمن الضروري جداً أن يكون لدينا وعي بالذات ، بأن نكون منتبهين للحالات الداخلية التي نعيشها ، فهذا الوعي التأملي للنفس يساعد العقل على ملاحظة المجريات و التحكم أيضاً بالإنفعالات،  فالعقل في هذه اللحظة يستوعب بشكل أكبر ما يجري داخلنا ، و يكون بمثابة شاهد أو مراقب أو نفس أخرى تراقب النفس ، و لا يشارك صاحبه الآخر ، لكن قادر في الوقت نفسه أن يصارع هذا الشعور و يخرج النفس من دوامتها.
هناك فرق كبير بين أن تكون غاضباً غضباً شديداً من شيءٍ ما ، و أن تدرك في هذه اللحظة بأنك تشعر بالغضب،  فإدراكك للإنفعال في هذه اللحظة يعتبر الخطوة الأولى للسيطرة على هذا الإنفعال ، لأنك مدرك في هذه اللحظة لحالتك النفسية و مدرك لتفكيرك أيضاً بالنسبة للحالة المزاجية نفسها.
و بالمثل تماماً، قد يكون الشخص منا حزين لشيءٍ ما و يستمر في التفكير بهذا الشيء إلى أن يجرف نفسه لمنتهى سيء ، كأن ينتهي الحال به بأن يدخل بنوبة بكاء ، و إن استمر الوضع كذلك كل يوم قد يدخل أيضاً بنوبة من الإكتئاب .
فالإدراك بالنفس و الوعي الذاتي في هذه اللحظة ممكن أن يوقف هذه الدائرة ، كأن من الممكن عند لحظة إدراك هذا الشخص لمشاعره بأنه حزين أو أن تفكيره زاد عن الحد المعقول ، من الممكن أن يغير مكانه في هذه اللحظة ، و أن يشغل نفسه بشيءٍ آخر ، كأن يقوم بمهمة تحتاج تركيز أكبر ، فيقطع بذلك سلسلة التفكير هذه و هذا بالتأكيد سيمنع من وصوله إلى هذه النهاية .
فبمجرد إدراكنا أن المزاج سيء ، فهذا يخلق فينا الرغبة بالتخلص منه ، لأنه يتضمن أفكاراً مثل ( لا ينبغي أن أشعر بهذه الطريقة ) أو ( أنا أفكر في أشياء جميلة لكي أشعر بالبهجة ) . و هذا بمثابة رد فعل جيد للغاية في هذه اللحظة . فالوعي بالنفس له تأثير أكثر قوة في المشاعر ، فالإنسان الغاضب إذا أدرك أن ما يشعر به هو الغضب فهذا يوفر له درجة كبيرة من الحرية ليختار عدم إطاعة هذا الشعور ، و أن يكون الشخص مدرك تماماً و متجنب لإتخاذ أي قرار في هذه اللحظة ، و هذا هو الأهم في لحظة الإدراك هذه .

من المهم جداً تنمية مهارات ضبط النفس و الوعي بالذات و التدرب عليها ، و التدرب أيضاً على كيفية التخلص من المشاعر السلبية فور حدوثها ، كل شخص منا لديه القدرة ليصمم ميكانيكية خاصة لمشاعره ، و لديه القدرة أيضاً على تحديد عدة أمور من الممكن أن تخرجه من حالة مزاجية سيئة ، تتناسب كلاً منها مع حالة مزاجية معينة ، الأمر فقط يتطلب منا التوقف قليلاً و التأمل في ذواتنا و أفكارنا و معتقداتنا الدفينة،  هواياتنا و مصادر شغفنا،  نحن بحاجة إلى معرفة أنفسنا بشكل أكبر قبل أن نكتشف غيرنا، و ليكن شعارك دائماً " التأثير يأتي مني و ليس علي " 


المصادر :

كتاب الذكاء العاطفي ( دانييل جولمان )

كتاب إنسان بعد التحديث ( د. شريف عرفه )


مواضيع ذات صلة 👇

عن شعور الإمتنان



كيف تطوري من مشاعرك الإيجابية



ما السعادة إلا أنتي



تعليقات



Font Size
+
16
-
lines height
+
2
-